في نظرة حيادية للحالة المتردية للوطن العربي...و نتيجة الوضع السياسي القاتم و تذبذب الافراد في المجتمع الواحد و زيادة التدخلات الخارجية...هيمنت فكرة الانحياز او الانتماء لفكر او طائفة اوحزب اوكتلة او حركة ما يستخدمها الفرد في تحديد هويته و بكلامي هذا لا أعيب على احد انتمائه أو معتقداته أو افكاره... ولكن رويدا رويدا تصبح هي لغة التعارف و يتم طمس الهوية العربية و تضاؤل القضية المشتركة و نسيان الاهداف التي قامت عليها كل كتلة بين أغلب المنتمين لها..و يصبح الحوار مبتورا و متحفزا او عنيفا لا يرقى الى معايير الحوار الناجح و آدابه و يتحول التعامل فيه الى صراع قبلي مما لا يخدم اي هدف
الحالة الاولى
لم اتوقع ان يكون مشهد النهاية هو بداية مسلسل السلطة في فلسطين...و ان يفقد بريق الحكم صواب حماس و فتح...وانقسام الوطن العربي بين معارض لهذا و مؤيد لذاك و كأننا في مباراة لكرة القدم...و نسينا انها كرة من دم و شرف و كرامة عربية..و نسينا ما للفريقين من تاريخ مدجج بالنضال....و نسينا انه في يوم كانوا يحاربون بهدف واحد الا و هو تحرير فلسطين..و ظهور عناصر منشقة في احدهم لا ينفي النضال عن باقي اعضاء الفريق...و جرائم القتل المتبادلة لا تنتشل أحدهم من بئر الخذلان للقضية الفلسطينية....وكما انحاز كل لفريقه طمعا في الكرسي..انحاز كل منا الى فريق منهم طمعا في تحقيق رغبة سياسية...و تناسينا ان الهيمنة الصهيونية تتزايد..وان هذا الكرسي لو نصب فسيكون منصبا أعلى تل من الجماجم..و ان التعامل الدموي سيصبح تدريجيا هو لغة الحوار بين الفرق و الفصائل...و هو ما لا يقبله اي من الاديان السماوية...
رحمة الله عليك يا ابو عمار
الحالة الثانية
يفقد المئات يوميا ارواحهم في العراق...لا لشىء او جرم سوى انتمائهم الديني...فالسنة و الشيعة تحول حوارهم الى حرب عصابات..كل يحاول تصفية الآخر..و انحدرت تعاملاتهم الى اسفل الجرف...بتفجير الاضرحة و الرموز الدينية...و تناسوا انهم شعب واحد عانى من نفس القهر و المرض و الجوع و الحصار و الظلم لسنين...و تناسوا من هم و من يحتلهم بدعوى التحرير..ولم يعد يشغلهم سوى الانتماء البحت لفئة و اثبات الولاء لها ورفع اسمها عاليا بجوار اسم الدولة حتى ولو على حساب الدولة نفسها و كان الدم و انتهاك حرمة المقدسات هو الثمن...و في ظل هذا الشلل الانحيازي تضمر الاساسات الدينية القائمة عليها كل طائفة ...
الحالة الثالثة
تعاني مصر في الوقت الحالي من كبت سياسي...تسبب في خلخلة الفكر الوطني للشعب و احساسهم بالمهانة و الضعف في الوطن مما ادى الى تعزيز بعض التكتلات أو الاحزاب أو الحركات النشيطة لنفسها ( مع احترامي الكامل لها جميعا)...رغبة في استمداد القوة من المجموعة المتحدة...و ادت رغبة هذه التكتلات في بناء موقف سياسي سريعا و رغبة الافراد في دفعة تشجيع تنتشلهم من المياه الراكدة الى وجود فئة في اي تكتل لا تعي تماما ما القواعد المؤسسة لها والهدف المنشود... و قد لا تتفق معها في الافكار تمام الاتفاق...وتظهر هذه الفئة من طرحها غير الجيد و التحفز في اي حوار بينها و بين فئة من كتلة مغايرة...و ضعف الطرح يضر بالموقف السياسي للكتلة و هذه الفئة مما يعيد شعورهم القديم بالمهانة و الضعف فيتحول الحوار الى مشادة و تطاول بين التيارين المختلفين و دفاع كل منهم عن بيته السياسي ونتحول الى دويلات متناحرة قد يصل سوء التعامل بينها الى حد مؤسف تتداعى امامها وحدة الهدف الا و هو مصلحة الوطن و الرغبة في التغيير...
و على صعيد آخر...تأججت نار الفتنة الطائفية في بلد كان و لايزال يعيش فيها المسلم و المسيحي كأخوة..بغض النظر عن الحالات الفردية المؤسفة..و نظرا( كما اشرت مسبقا الى وجود فئة لا تعي الاساس للفئة المنتمية لها)و الذي تقوم عليها العقيدة(سواء الاسلامية او المسيحية)...و الذي ينبذ اي عنف و يدعو الى التسامح و التعايش كأمة واحدةو لا اعتقد ان اختلاف الدين بين الافراد يضر مادامت الملتين متفقتين في هذا الاساس..و لكن الذي حدث هو فقد لغة الحوار المشترك و غلبة التعصب عليه..مما اضر بتعاملاتنا و جعل الخوف و التنابذ ركيزة لها...
الحالة الرابعة
ضربت لبنان مثالا يحتذى به على مر سنوات في التعايش بين جميع الطوائف على ارضها...و اجتازت رحلة عذاب الحرب الاهلية ببسالة...و لكن من جديد..عاد شبح هذه الحرب ليشيع في انفس الآمنين فيها الرعب...فقد فقدت الطوائف لغة الحوار و ابتعدت عن صالح لبنان العام...و انحازت كل كتلة الى ما تؤيده من سياسة خارجية مما انعكس بالسلب على تعاملاتها الداخلية بشكل سىء..و لعل اغتيال رئيس الوزراء الاسبق رفيق الحريري كان بداية لكشف الاوراق...و تبعه اغتيال النائب جبران تويني..ثم الوزير بيير الجميل..و أخيرا اغتيال النائب وليد عيدو و ابنه ..جميع الاغتيالات تمت في وضح النهار بجرأة...كأنها اسلوب التعامل الجديد و على اللبنانيين ان يألفوه..اسلوب الهمجية و الوحشية...